For your copy-and-pasting pleasure.
لا خلاف بين الناس ان الدول والجماعات تختار اصدقاءها وتبنى تحالفاتها وفقا لما تقتضيه مصلحتها لا بحسب قبول او رفض طرف ثالث ، ولا خلاف ان الدول المستقلة ذات السيادة لاتسمح لاحد ان يتدخل فى تفاصيل شئونها وتحديد معالم السياسة التى تنتهجها ، ولا خلاف بين الناس ان السودان دولة مستقلة كاملة السيادة ولايحق لاى دولة ان تقول له تواصل مع هذا او قاطع ذاك ، ولكن مع هذا وذاك تبقى هذه العبارات ليست الا تنظيرا اجوفا لامعنى له ولا انعكاس حقيقى له على ارض الواقع وانما مجرد ادعاء من الاخوة المصريين وهم يشتاطون غضبا ويصيبهم رعب من زيارة الرئيس التركى الى السودان ويفهمون الامر على انه مؤامرة عليهم يقودها الرئيس اردوغان وانه يستخدم الخرطوم لاطلاق قذائفه المباشرة وغير المباشرة باتجاه القاهرة ولا يضعون اعتبارا لاستقلال السودان وامتلاكه قراره وتحديده لحلفائه ورسمهم خطوطا حمراء امام الخرطوم ويحذرونها ليس فقط بشكل خفى ومبطن وانما جهارا نهارا عيانا بيانا ان لاتقيموا علاقات مع الدوحة او انقرة فان هذا لن يكون الا على حسابنا ، وبعضهم قال ان السودان اصلا يختار التحالفات المؤذية لمصر وما موقفه من سد النهضة وتحالفه مع اثيوبيا الا للاضرار بمصر وهاهو الامر يتكرر فى استقباله اردوغان، ولانريد التوغل فى الحديث هنا عن موضوع سد النهضة والعلاقة مع اثيوبيا فذاك موضوع اخر يمكن ان نعود اليه فى يوم ما ، لكن الحدث الان هو زيارة اردوغان التى يعتبرها المصريون استهدافا لهم وهذا بالتاكيد ليس من حقهم ولا يمكنهم ان يحدثوا الدول المستقلة بهذه الطريقة الاستعلائية التى تكشف عن نظرة الكثير من النخب المصرية الى السودان بشيء من الاستخفاف وسيطرة عقلية المستعمر عليهم وهذا ما يرفضه السودان بشكل مطلق وقد يدفعه هذا التصرف المصرى الخاطئ الى الابتعاد اكثر من مصر وهو ما يعتبر ضرره على المصريين اكثر من السودانيين اذ ان الخرطوم تصدر اللحوم الطيبة الى مصر وتستورد منها خضرا وفواكه مشكوك فى سلامتها اضف الى كماليات لامعنى ، كما ان سفر السودانيين لمصر يدر على خزينتها مبالغ طائلة جدا وستكون مصر هى الخاسر الاكبر ان توقفت هذه المعاملات التجارية والمصريون يعلمون ذلك لكنهم يكابرون ولايعترفون ، وفى المؤتمر الصحفى المشترك لوزيرى خارجية السودان وتركيا فى ختام الزيارة لم يترك السيد وزير الخارجية ابراهيم غندور الفرصة تمر دون توجيه انتقاد عنيف الى مصر وقال ان هذا الضجيج الغير محترم وغير مسؤول دليل كبير على النجاح البالغ الذى حققته الزيارة وهو ماازعج البعض بكل اسف ، وقال غندور نحن نرفض هذه الطريقة التى انتهجها الاعلام المصرى وبعض النخب هناك وهذا يوضح انهم لايعرفون طريقة ادارة العلاقات الدولية واحترام خيارات الاخرين وحقهم فى تحديد ما يرون ، واستدرك قائلا رغم ان هذا الاتجاه سار عليه قطاع عريض فى الاعلام المصرى الا اننا مع رفضنا للاسلوب لانؤاخذ الشعب المصرى الشقيق بجريرة بعض ابنائه الذين يريدون اثارة التوتر وندعوهم للوعى والتعقل.
من جهة اخرى نحن لانبرئ اردوغان من الغرض ولا من ادواره السالبة التى لعبها وظل يلعبها فى المنطقة وبالذات دعمه المباشر للارهاب التكفيرى الداعشى وتوفيره الملاذ والممر الآمن الموصل للارهابيين التكفيريين القتلة من كل دول العالم الى سوريا ليعيثوا فيها فسادا ويهلكوا الحرث والنسل ويقتلوا النفس التى حرم الله الا بالحق وتآمره على سوريا بشراء النفط الذى تسرقه داعش وكذلك دوره السلبى فى العراق وسعيه لارباك استقرار الاوضاع فى ارض الرافدين ، كل هذا رغم سوئه وعدم مقبوليته فى جانب واحتضان قيادات الاخوان فى جانب اخر عند المصريين الذين لايقبلون مطلقا بدعم لجماعة يصنفونها ارهابية ، ومع اننا لانتفق مع السيسى وحكومته فى موقفهم من الاخوان الا اننا نستغرب التصرف الارعن الغير حكيم الذى بدر من الرئيس اردوغان وهو برفقة الرئيس البشير اذ رفع شعار رابعة وهو ما يزيد استفزاز المصريين ويؤجج الاوضاع ويعطى مصر الرسمية شاهدا قويا على عداء اردوغان لها وتعمده ان يعبر عن هذا الموقف من السودان مما يعتبر نوعا من عدم اللباقة وحرجا وقع فيه الرئيس البشير الذى لم يكن يتمنى ان يشير ضيفه الكبير الى ما يؤكد مخاوف مصر فهل تعمد اردوغان ان يرسل رسالة الى القاهرة من السودان دون اعتبار لما يسببه ذلك لمضيفه ام انها الصدفة المحضة هى التى جعلته يرفع يده بشعار رابعة ؟ لا اعتقد ان الاحتمال الاخير سليم ، وفى نفس الوقت ليس فى امكان الرئيس البشير توضيح الامر او هو حتى ليس مطالبا بذلك لكن ماذا نفعل مع نظرة القاهرة التى لا نقبلها سواء اخطا اردوغان وفعل ما فعل سهوا او حتى تعمد ذلك.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
ليست هناك تعليقات