أخر الأخبار

عندما يرعى الذئب الغنم!! / زهير السراج

For your copy-and-pasting pleasure.


* تصيبنى الحيرة عندما أجد البعض يحسن الظن بقادة النظام ويتوجه إليهم بالمناشدات لحماية الأملاك والمنافع العامة والحدائق والمنتزهات من تغول البعض وتحويلها الى منفعة خاصة وعمارات وشركات لمنسوبى ومحاسيب النظام ..إلح، وكأن هؤلاء الذين يناشدون ويلتمسون يعيشون فى وطن آخر أو كوكب آخر، ولا يعرفون أن الذين يناشدونهم ويحسنون بهم الظن، هم سبب الخراب والدمار والبؤس الذى تعيشه البلاد، وتحويلها الى عزبة خاصة بهم!!


* أوردت صحيفتنا وموقع (الراكوبة) أمس، نبأ مناشدة مواطنى مربع (1) بامتداد ناصر بمحلية الخرطوم، لوالى الخرطوم للتدخل ووقف إجراءات وخطوات تقوم بها بعض الجهات ترمي إلى بيع مدرسة قرنفلي الثانوية (سابقاً) المخصصة وقفا للقانون كمؤسسة تعليمية، وتحويلها الى صالة أفراح، رغم أن القانون يمنع منعا باتا تحويلها حسب الترخيص الصادر لها الى أي غرض آخر.

* كان ذلك هو الخبر، وكأن الذين يناشدون السيد والى الخرطوم لا يعرفون أنه جزء من النظام الذى سرق البلد قبل ثلاثين عاما ولا يزال جاثما على صدرها، وحولها الى ملكية ومنفعة خاصة، بما فى ذلك شواطئ الانهار التى إغتيلت وقبرت وحولت الى غابات أسمنت ومقالب نفايات واوساخ، من أجل عيون وكروش وخزائن سدنة النظام!!

* ويبدو أننى فى حاجة الى التكرار وإعادة القول، ان احد أهم اهداف النظام الفاسد الذى استولى على البلاد بزعم انقاذها، كان تدمير كل مؤسسات الدولة ومشروعاتها الكبرى التى دُمرت الواحدة تلو الأخرى، بدءا من المصالح الحكومية ذات التجمعات العمالية الضخمة والنقابات القوية، خاصة التى يعطيها القانون سلطة الإشراف والرقابة على أموال وممتلكات الدولة، مثل مصلحة النقل الميكانيكى التى كانت مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق بالاسطول الميكانيكى للدولة من سيارات وحافلات وشاحنات ..إلخ، والتصرف فيها بالبيع والشراء والصيانة والوقود والرقابة ..إلخ ، ومثل وزارة الاشغال التى كانت تشرف على أى شئ يخص الانشاءات والمبانى الحكومية، وكذلك مصلحة المخازن والمهمات التى كانت تتولى الاشراف الكامل على الكثير من المواد مثل الاثاثات والادوات المكتبية والكهربية والملابس ..إلخ!!

* عندما اغتصبت (الجبهة الاسلامية) الحكم، وضعت نصب عينيها تلك المؤسسات الضخمة التى كانت تتمتع بسلطة الاشراف والرقابة على ممتلكات الدولة، بالاضافة الى التجمعات العمالية الكبيرة بداخلها ونقاباتها القوية المتمرسة فى العمل النقابى منذ وقت طويل، فكان أن أصدرت قرارات بحلها وتفكيكها وتشريد العاملين بها، حتى لا تقف عائقا أمام مخططاتها فى تنفيذ سياسة التمكين، ثم تلتها لنفس الأسباب المؤسسات والهيئات الضخمة مثل السكة حديد والنقل النهرى والخطوط البحرية والموانى البحرية والخطوط الجوية وكل مؤسسات القطاع العام ..إلخ، الى أن وصل الأمر الى المشروعات القومية الكبرى كمشروع الجزيرة الذى تعمدت الدولة إهماله حتى وصل مرحلة الانهيار التى يعرفها الجميع!!

* ليس ذلك فقط، بل تعمدت (الجبهة) إهمال الريف وتجريده من كل انواع الخدمات، وتدمير بنيته التحتية، لارغام مواطنيه على الهجرة الى الخرطوم وممارسة الاعمال الهامشية، بغرض تغيير التركيبة السكانية الحضرية التى كانت على الدوام رأس الرمح فى إحداث التغييرات الاجتماعية والسياسية ومقاومة أشكال القمع والقهر، وذلك حتى تتمكن من تنفيذ أهدافها بدون مقاومة تذكر، أو وعى إجتماعى يتصدى لمخططاتها!!

* كل ذلك بالاضافة الى التضييق الشديد على المواطنين بسياسات تعسفية مثل زيادة أسعار الخدمات والسلع الاساسية، حتى تشغلهم فى حياتهم اليومية وتلهيهم عن ترقية أنفسهم والنهوض بمجتمعاتهم وهما الأساس فى تحقيق التنمية ونشوء دولة حديثة يكون فيها للمواطن الكلمة الأولى فى إدارتها والتصدى لمحاولات الهيمنة والسيطرة الحكومية، وصحب ذلك فساد ممنهج يسعى لتمكين الحزب وعضويته، ووضع كل شئ فى يدهما، بدءا من أبسط أنواع التجارة اليومية الى إحتكار كل أنواع الانشطة والخدمات بما فى ذلك التعليم والعلاج والأمن وكل شئ!!

* وحتى عندما إستخرجت الدولة البترول، وضعته فى أيدى شركات أجنبية بامتيازات ضخمة جدا، ومشاركة شركات تبدو ظاهريا وكأنها مملوكة للدولة، بينما يهيمن عليها فى حقيقة الأمر ويسيرها ويتصرف فيها بشكل مطلق أفراد تابعون للحزب، يسخرونها لمصلحتهم والحزب الذى ينتمون إليه، وهو ما أفرز الشريحة التى تستأثر بكل شئ فى الدولة وتملك الشركات والاموال الضخمة والسلطة والنفوذ، حتى صارت هى الدولة، ولم يعد للدولة أى نوع من الوجود خاصة مع التدمير الممنهج لكل مؤسسات الدولة، وإنشاء المؤسسات والشركات الموازية لها والتابعة للحزب!!

* ولم يسلم من ذلك حتى الجيش الذى واجه منذ أول يوم لاغتصاب الجبهة الاسلامية للسلطة مؤامرات الانهاك والإضعاف والتصفية الممرحلة، وإنشاء المليشيات العسكرية الحزبية الموازية له، والشبيهة بالتنظيمات النازية كالدفاع الشعبى، الى أن تم تدميره بالكامل وتصفية معسكراته، والاستعاضة عنه لاحقا بالمليشيات القبلية (حرس الحدود والدعم السريع) التى تدين بالولاء الكامل للسلطة الحاكمة مقابل الأموال الضخمة التى تدفع لها، مع إعطائها الصفة الرسمية حتى تبدو وكأنها تابعة للدولة بينما هى فى حقيقة الأمر تابعة للحزب!!

* من فعل كل ذلك بالطبع، لا يهمه بكثير أو قليل بيع مدرسة وتحويلها الى صالة أفراح، أو حتى (كازينو قمار)، لولا (الدين) الذى زعموا انهم جاءوا لتطبيقه، وأضاعوه كما أضاعوا كل شئ غيره، ولا يتمسكون به لشئ سوى تحقيق المكاسب الضخمة، ولو وجدوا خيرا أكثر فى غيره لهجروه، فمن يناشد مواطنو (إمتداد ناصر) لحماية مدرستهم من الاغتيال؟! 
manazzeer@yahoo.com
الجريدة الالكترونية
siege auto

ليست هناك تعليقات