For your copy-and-pasting pleasure.
تصريحات حكومية، مُتفائلة بالتوصُّل إلى اتفاقٍ في أقرب جولة مُفاوضات، هي رسالة للطرف الآخر هناك، ويبدو فعلياً أن العدة تعد لجولة تفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية التي تستعد هذه الأيام لعقد مؤتمرها الاستثنائي بقيادة عبد العزيز الحلو.
لكن الصورة التي ظلّت مَحفوظة.. تبدأ جولات التفاوض، تبدأ الأخبار في التواتر.. توقيع وشيك بين أطراف التفاوض.. ثم، بوادر انهيار.. ثم انهيار.. لتبدأ التصريحات والتصريحات المُضادة، كل طرفٍ يتّهم الآخر ويُحمِّله فشل الجولة.. يحمل امبيكي حقائبه ليعاود الكَرّة مرةً أخرى.
منذ بداية مُهمّة الوسيط الأفريقي ثابو امبيكي لم يتغيّر شئٌ، بدايةً من الوساطة بين شريكي نيفاشا التي انتهت بإعلان حرب جديدة بين دولتين بدلاً عن دولة واحدة، وحتى تاريخ اليوم الذي لا تزال تتعثّر فيه المُفاوضات، قطار السودان لم يبرح محطته الأولى، ولم تقلع عجلاته من مطبها بل زاد المطب ضيقاً.
كُلّ الأطراف المُتصارعة والمُتفاوضَة تُلقي باللائمة على الوساطة إن كانت إقليمية أو دولية أو دُون ذلك، كل طرف يتّهم الوساطة بالتحامل عليه وتبني أجندة الطرف الآخر، والوساطة ذاتها تحمل أجندتها فأينما وجدتها عند طرف تطابقت الأهداف، جميعهم يتناسون أنّ الوسيط لن يأتي بشئٍ من عنده، وليس بمقدوره أن يحمل هَمّكم بل هو غير مُطالب.. الأزمة أزمتكم والحل عندكم.
لقد استهلكت هذه البلاد من المُسمّيات والمُهمّات ما يكفي لحل أزمات العالم، مبعوث أمريكي، مبعوث خاص للأمم المتحدة، مُمثل للجامعة العربية، مُمثل للاتحاد الأفريقي، رئيس لجنة حكماء، وسيط في مُفاوضات الدوحة التي هي في الأصل تقودها وساطة قطرية، والنتيجة صفر وجميعنا ننتظر أن يأتي الحل (Delivery).
القضية لا تتصل بشخص المبعوث بقدر ما هي مُتصلة مُباشرة بكم أنتم، أصحاب الأزمة، صانعوها ومهندسوها، وبالتالي فإنّ مفاتيح حلها بأيديكم.
لن يستطيع المُجتمع الدولي أن يصرف العلاج النهائي، بل ربما ليس في مَصلحته صرف العلاج النهائي.. وما يقوم به، لا يتعدّى مُحاولات تسكين – إن وُجدت -.
إذا أقفلنا أعيننا عن التجربة السُّودانية المُمتدة، فها هي الأزمة السورية، تزيد تعقيداً في تعقيدها، ولا تزال المُفاوضات بين الأطراف، تنعقد وتنحل والموت لا يتوقّف والإنهاك الاقتصادي كذلك.
الأزمة أزمة سُودانية خالصة، صنعتها أيدٍ سُودانية وتستثمر فيها أطراف سودانية، والحل لن يكون والحل بأيدينا. ولو أن كل هذا الجهد والتعويل على الدور الخارجي وانتظار المجتمع الدولي حتى يلتفت إلى وضع السودان في قمة أولوياتها، لو أنّه هذا الجهد، وُظّف نصفه في الداخل.. لتغيّر الوضع.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
ليست هناك تعليقات